• ×

admincp

الرسول صلى الله عليه وسلم إمام المجاهدين د/عبدالوهاب الطريري

admincp

 0  1  1.3K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
أقامت الندوة الأحدية الثقافية لعميدها الشيخ محمد جبر الرشيد في الرياض محاضرة بعنوان :

(الرسول صلّى الله عليه وسلّم إمام المجاهدين ) ألقاها الشيخ الدكتور عبد الوهاب بن ناصر الطريري نائب المشرف العام على موقع ( الإسلام اليوم) ورئيس تحرير مجلة: ( الإسلام اليوم) وذلك مساء الأحد الموافق 25/3/1430هـ وقد أدار اللقاء الأستاذ عبد الله الراشد مدير الندوة ،وحضرها جمهورٌمن المثقفين والمفكرين ، وعدد من وسائل الإعلام منها قناة ( روائع) وقناة ( المجد) ومجلات : ( البيان) ، و ( المتميزة ) ، و( شباب) وبعض المواقع الإلكترونية منها ( الإسلام اليوم) وكذلك إذاعة القرآن الكريم ، وغيرها .

الجهاد ذروة سنام الإسلام

بعد حمد الله والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ، شكر الشيخ الدكتور عبد الوهاب بن ناصر الطر يري عميد هذه الندوة الشيخ محمد جبر الرشيد ثمّ قال : إنَّ ما يدفعني لاختيار هذا الموضوع هو أهميته وحساسيته وتنوعه ، فبعض النّاس تجده يعتذر ويلجأ إلى البحث عن مسوّغات جهاد الأمة على مرّ تاريخها ، فأين الاعتزاز يا ترى بقيم الإسلام ، كما نجد على الطرف الآخر ممارسات من الجنوح والاعتداء على مقومات الأمّة ، وهذا ليس جهادًا ، والحق أنّك أينما قلّبت النظر ستجد أنواعًا من العدوان والظلم يصبّ على الأمّة صبّاً، مما يجعل وضوح الرؤية تطيش أحيانًا ، أما العصمة مما يصيبنا اليوم فهو أنْ نعيش مع نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم في جهاده فقال : والذي نفسي بيده لوددتُ أنْ أقاتل في سبيل الله فأقتلُ ، ثمّ أحيا ، ثمّ أقتلُ ،ثمّ أحيا ، وهو أعظم من رغّب في الجهاد ، وهو الذي جاهد حتى شجّ وجهه ، وكسرت رباعيته ، ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، كنا نتقي برسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين يشتد البأس.

وقفات ودلالات

ووقف الشيخ الدكتور عبد الوهاب بن ناصر الطريري عند بعض الدلالات في جهاده صلّى الله عليه وسلّم فأشار إلى سعة معنى الجهاد في الهدي النبوي ، فقد خاطب الله سبحانه وتعالى النبي عليه الصلاة والسلام فقال:\" فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادًا كبيرا \"، وجاهد صلّى الله عليه وسلّم بالقرآن الكريم ، واستغرق ذلك ثلاثًا وعشرين سنة أي منذ بداية بعثته ، وحياته كُلها مستنفرة بالجهاد.

كان جالسًا مع أصحابه فمرّ رجلٌ يضج بالحيوية والقوة في شبابه ، فقال الصحابة رضوان الله عليهم لو كانت قوّته في سبيل الله لكان خيرًا ! فقال عليه الصلاة والسلام : أمّا إنْ كان يغدو على أبوين كبيرين فهو في سبيل الله، وإنْ كان يغدو لأطفال صغار فهو في سبيل الله ، وإنْ كان يغدو ليعفَّ نفسه فهو في سبيل الله . كما قال صلّى الله عليه وسلّم : المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر ما نهاه اللهُ عنه .

من معالم جهاد الرسول صلّى الله عليه وسلّم

أما معالم جهاده عليه الصلاة والسلام، فإنَّ حياته كانت جهادًا بيده ولسانه وقلبه، ومن معالم هذا الجهاد مايأتي :

- وضوح الرؤية في تحديد الهدف إلى درجة التألق ، فيحدده بوضوح ونصاعة ، ولا يسمح لأحد أنْ يستدرجه فيما لا يريده ، فقد خرج في السنة السادسة إلى الحديبية فقال : ( لو أنَّ قريشًا تركوني والنّاس) وكان يريد الصلح من غير ذلّة ، وقد تعرض لكثير من الاستفزازات هو وأصحابه ، ولكن بوضوح الهدف امتصّ كثيرًا من الاستفزازات التي قام بها المشركون ، كما امتصّ أشواق الصحابة رضي الله عنهم إلى البيت العتيق ، وكان وضوح الهدف جليّاً في حياة النبي وسيرته في جهاده ، وهو القائل عليه الصلاة والسلام ليضع لافتة مضيئة : (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) وهنا حدّد الهدف مشرقًا مضيئًا رائعًا وناصعًا.

ومن معالم جهاده صلّى الله عليه وسلّم أنه دائمًا في منتهى التوكّل على الله ، وفي منتهى الأخذ بالأسباب ، ففي السنة الرابعة من هجرته صلّى الله عليه وسلّم ، والمسلمون يداوون جراحاتهم في معركة أحد، وهم يعيشون جراحات جسمّية ونفسيّة إذا بزعيم من العرب وهو ( ملاعب الأسنّة ) يفد إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم فدعاه الرسول إلى الإسلام ولكنّه لم يقبل ، وعرض على النبي عليه الصلاة والسلام أنْ يبعث بعض أصحابه لدعوة قومه . فقال صلّى الله عليه وسلّم : ( إني أخاف عليهم) فقال ( ملاعب الأسنّة ) : أنا جارٌ لهم ، وأنا أحميهم ، وكان الصحابة حفظة للقرآن الكريم ، وسار الصحابة حتى وصلوا بئر معون ، فأغارت عليهم قبيلة بني سهيل وقتلتهم جميعًا ، وحزن عليهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم حزنًا عظيمًا ، قال أنس: ماحزن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثلما حزن على القرّاء ) ،وظلّ النبيّ عليه الصلاة والسلام يدعو على من قتلهم في قنوته مستنزلاً مدد الله .

- أما المشهد الآخر في مقابل هذا فكان في السنة السابعة الهجرية أي بعد ثلاث سنوات تقريبًا،فقد أرسل

صلّى الله عليه وسلّم برسالة إلى ملك بصرى في الشام فقتل ملك بصرى الصحابي الذي أرسله رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فأخرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة آلاف مقاتل يقودهم ( جعفر بن أبي طالب ، وزيد بن حارثة ، وعبد الله بن رواحة ) وذلك ليثأر لهذا الصحابي( الرسول) الذي قتل ، والسؤال : ما الذي تغيّر بين المشهد الأوّل والثاني؟ ولاشك أنَّ الذي تغيّر هو موازين القوى ،في مشهد مقتل القرّاء ما كانت موازين القوى تسمح أنْ يقذف عليه الصلاة والسلام ببقية أصحابه إلى الصحراء ، لتتألب عليهم القبائل العربية المشركة . وفي المشهد الثاني كان حال المسلمين أفضل بكثير ، وهذا يكشف لنا أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم

يحشد كافة الأسباب ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، ويستوفيها ، ويستنفر الجهود ، ويراعي الأحوال والإمكانات ، ولا يمكن أنْ نجد مواجهة عسكرية خاضها الرسول صلّى الله عليه وسلّم لتصنف في المغامرة غير المحسوبة ، فعندما ننظر إليه نجد منتهى التوكّل على الله ، ومنتهى الأخذ بالأسباب في الوقت نفسه ، وهو الذي أنزل الله تعالى عليه : \" كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله\" وفي غزوة الأحزاب ، حمى العصابة المؤمنة أمام عشرة آلاف من حشود الأحزاب ، وترك هؤلاء خارج المدينة حتى كفّ شرّهم الله مع صمود المسلمين القلة مقارنة مع المشركين، وكذلك هو الذي أخذ بالأسباب ، وهو وصاحبه في الغار قائلا ًلأبي بكر الصديق رضي الله عنه : ( لاتحزن إنَّ الله معنا ) !

- ومن هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم في الجهاد : ( قيادة المشاعر والانفعالات )

إذْ نراه يراعي حماس الشباب، ولمّا كان الصحابة في غاية الذكاء ، وتوقد الحماس ، فهو يدير قيادة المشاعر ويحوّلها إلى وقود فاعل ، وبينما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يحضر كتابة صلح الحديبية تم الاتفاق بين المسلمين وقريش على أمور يرفضها المسلمون في الظاهر، وكان يفاوض النبي عليه الصلاة والسلام سهيل بن عمرو داهية قريش ، وتخلص أحد المسلمين من قريش ووصل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال سهيل بن عمرو: يا محمد هذا أول ما نقاضيك به: قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم : دعه لي ، قال: لا أفعل، فقال عليه الصلاة والسلام: إذن خذه ( والصحابي الذي تخلص من قريش هو أبو جندل بن سهيل ) وهذا يكشف كيف تكون العواطف والمشاعر منقادة للضوابط ، وهو بهذا يصحح مسيرة الجهاد ويضبطها مع حبه لصحابه ، وحب أصحابه له ، وخوفه عليهم ، وخوفهم عليه ، ولذلك نراه يعلي من شأن الحياة رغم ترغيبه العظيم بأجر الجهاد ومنزلة المجاهدين والشهداء في سبيل الله .

- ومن المشاهد المثيرة المدهشة مشهد الصحابي : (أسامة بن زيد) حبّ النبي عليه الصلاة والسلام وابن حبه ، فقد أرسله عليه الصلاة والسلام في سرية لقتال قبيلة جهينة ، وكان يقودهم رجل شديد البأس ، كان هو أولهم إذا قاتلوا وآخرهم إذا انهزموا ، وتألّم أسامة كثيرًا وهو يرى أصحابه صرعى بسيف هذا الرجل ، فوثب عليه أسامة بن زيد مع بعض الصحابة ،ولمّا رأى الرجل بروق السيوف فوق رأسه قال : أشهد أنْ لا إله إلا الله ، ولكن أسامة بن زيد قتله ، وحين أخبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقتله لهذا الرجل غضب عليه الصلاة والسلام غضبًا شديدًا ، وقال ( أسامة، أقتلته بعد أنْ قال لا إله إلا الله ؟!) فقال أسامة يا رسول الله لقد أوجع في المسلمين ) فردّ الرسول عليه الصلاة والسلام أقتلته بعد أنْ قال لا إله إلا الله ؟!)فقال يا رسول الله قتل فلانًا وفلانًا وفلانًا) فردّ النبي عليه الصلاة والسلام : ( أقتلته بعد أنْ قال لا إله إلا الله؟!) قال أسامة يا رسول الله إنما قالها متعوذًا ) فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم : (أشققت عن قلبه ؟!) حتى قال أسامة : ( يا رسول الله استغفر لي ) قال عليه الصلاة والسلام : ( يا أسامة ما تصنع بلا إله إلا الله يوم القيامة؟!) حتى قال أسامة : ( تمنيت أني ما أسلمت يومها بعد ..... )!!

- كان عليه الصلاة والسلام في جهاده يوصي خيرًا بالأسير وبالنساء والأطفال ، وينهى عن التمثيل بالقتلى دون منظمات دولية تراقبه! .

مسك الختام

وفي نهاية اللقاء أصغى جميع الحضور إلى مداخلة وافية من الشيخ الدكتور زين العابدين الركابي الذي قال : الأزمة الكبرى في أمّتنا هي أزمة المفاهيم وهذه المحاضرة تثبت المفاهيم الصحيحة ، وتصحح المفاهيم المغلوطة ، فمفهوم الجهاد ضلّ فيه من غلا فيه ، وسفك دماءً باسم الجهاد ، وبعضهم قللّ من عظيم أجره ، وقد قدّم الشيخ الدكتور عبد الوهاب الطريري المحاضرة بأسلوب واضح ، ممّا يدّل على حبّه الكبير للرسول صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ اختار منهجًا ناصعًا والتزمه ، ولاشك أنَّ هناك من يسعى بخبث وقوة لتشويه الجهاد ، والهدف أنْ يتحوّل المسلمون إلى أغنام ترعاها الذئاب ، ونحن مأمورون ألاّ نعتدي على أحد ! لكن ما الموقف إذا اعتدى علينا الآخرون ؟! وشيخنا عبد الوهاب الطريري قنّاص يلتقط الموقف بفراسة وذكاء ووضوح حتى ينجلي !

وأخيرًا،
شدا لنا الشاعر الفلسطيني جميل الكنعاني قصيدة طويلة في مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، وقد لاقت استحسان الجمهور.


متابعة : محمد الحناحنة.

جديد المقالات

admincp

فضائل يوم النحر للشيخ إبراهيم..

فضائل يوم النحر الحمد لله رب العالمين. شرع لعباده الدِّين، ودلَّهم على صراطه...

admincp

أيهما أفضل يوم عرفة أم يوم..

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده...

admincp

احكام الاضحية واحكام يوم عيد..

بعض أحكام الأضحية ومشروعيتها الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء، كما...

admincp

فضل الاضحية للشيخ محمد صفوت نور..

محمد صفوت نور الدين بسم الله الرحمن الرحيم عن البراء بن عازب ، رضي الله عنه ،...

admincp

فضل صيام يوم عرفة للشيخ د/ راشد..

د. راشد بن معيض العدواني إن الليالي والأيام، والشهور والأعوام، تمضي سريعا،...

admincp

فلنعتنِ بصيامنا !

فإن الصيام - ومنه صيام رمضان - حسّاس متأثر بأعمال الصائم وأقواله ، فعليك - أيها...

القوالب التكميلية للمقالات